لطالما لاقت مسألة “ازدواج الميل الجنسي” أو Bisexuality جدلاً كبيراً في ليبيا والعالم. تنتشر السرديات حول كون مزدوجي/ات الميل الجنسي أشخاصًا مضطربي الهوية الجنسية ويجب مساعدتهم على “الإختيار”، ومنهم من يضعهم في خانة مثليي الميل الجنسي، على أساس أن انجذابهم لأكثر من جندر معاً هو نقطة عبور بين المغايرة والمثلية الجنسية، وأنهم، إن أُعطوا حرية الإختيار بعيداً عن الخوف من أحكام المجتمع لاعترفوا أنهم مثليّو/ات الميل الجنسي. ما مدى صحة تلك المعتقدات؟ هل يستطيع المرء أن يحبّ شخصين من جندرين مختلفين؟ وما مدى فعالية العلاجات النفسية في العالم العربي التي تهدف إلى تغيير هويتهم الجنسية وجعلهم “مغايرين”؟
أسئلة كثيرة وهوية ضائعة
إلى من ينجذب الأشخاص مزدوجو/ات الميل الجنسي أكثر؟ الرجال أم النساء؟ هل يتزوجون عن حب أم لأنهم خائفون من أن يكشف سرّهم؟ هل هم/ن مثليون/ات؟ ماذا عن الشريك أو الشريكة إن اكتشف/ت ذلك؟ نموذج ضئيل من أسئلة كثيرة يطرحها المجتمع عنهم ولكن ليس المجتمع فقط، بل هم أيضاً يسألون ويتساءلون.
“لا أنجذب للشخص حسب جندره. عاطفته لي هي التي تجذبني”، يقول عمر (اسم مستعار)، الذي يبحث عن الحب دون الاهتمام بالجهة التي يأتي منها هذا الحب، من امرأة أو رجل. يضيف عمر: “أنجذب جنسياً للرجل كما للمرأة. لكنني حين أشعر بالاهتمام والحب انجرف عاطفياً مع أي كان، مهما كانت هويته الجندرية”. “ارتبطت بصديقي عن حب. لكنّني منذ أن رأيته وحيدًا في عُرس صديق آخر -وقد كان يتعافى لتوه من حادث مروري- لم أعد أستطيع احتواء مشاعري وذهبت لأعتني به. أصبحنا نقضي معظم أوقاتنا معاً. يعتقد محمد (اسم مستعار) أننا مجرد صديقين. لكن علاقتنا أعمق بكثير بعد كل هذا الاهتمام، ولكن في الوقت ذاته أحبّ فتاة فهي أيضاً تبادلني شعور الاهتمام والاعتناء”.
اتعرض لإبتزاز من شخص رآنا سوياً!
يقول عمر: “ذات مرة كنت في شجار مع شريكي محمد وذهبت لأصالحه، وتصالحنا بالفعل، وحضنني في مخزن المكان الذي يعمل به، وهو لا يعمل وحده بهذه المحل، فدخل علينا ابن عمه صدفةً واكتشف قصة الحب التي بيننا. دارت الأيام وأصبح فجأة يهددني لأمارس معه الجنس بالإكراه خوفًا من أن يبلغ عائلتي بعلاقتي مع محمد.
وجدت نفسي في دوامة تعدد العلاقات بسبب حبيبي
بعد المشاكل التي طرأت بيننا و انفصالنا الذي طال لمدة أشهر أصبحت فارغاً على عكس الفترة التي كنا بها سوياً، أصبحت أواعد رجالًا آخرين فقط لإرضاء شهوتي ولمحاولة إغاضته أو حتى لفت انتباهه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي”.
“حاليًا، لا أثق بأي رجل، فكل علاقاتي انتهت بالفشل لأنني أشعر بأن هدف الرجال الوحيد هو الجنس. وبالجنس أبقيهم”، ويقول مضيفاً: “لدي 9 شركاء جنسيين”.
ويعتبر عمر أن الرجال خذلوه، فهو مقابل الجنس كان يطلب الاهتمام والحنان اللذين لم يجدهما حتى اليوم رغم تعدد علاقاته الجنسية. بالنسبة له، فإن الجنس سلاح يجذب الطرف الآخر ويورّطه في العلاقة، ولكن ما يريده فعلاً هو علاقة مستقرة لم يجدها بعد. ويقول “أفتخر بتجاربي الجنسية المتعددة وليس لدي أي مانع من البوح بها لزوجتي في المستقبل.”
حلول ليست بالحلول
شاءت الأقدار أن تحصل مشكلة بيني وبين محمد، وانفصلنا نهائيًا، ولكن ضل محمد راسخًا في مخيلتي طوال اليوم، لذا قررت الارتباط بحبيبتي نورا (اسم مستعار) وبالفعل ذهبت لخطبتها من عائلتها لسبب واحد فقط، وهو نسيان محمد. لا أريد رؤيته مجدداً ولكني أراه من حين إلى آخر صدفةً كونه يقطن بجانب منزلي. أحاول نسيانه دون جدوى، لذا تقدمت للزواج من نورا كمحاولة أخيرة لنسيانه. وأنا أعترف بذلك”.
سيُطالب عمر ونورا اجتماعياً بعد الزواج من قبل عائلتيهما بإنجاب أطفال، وأن يتحملا مسؤولية بيتهما كاملة، وهنا يجدان أنفسهما في مواجهة مسؤوليات الحياة، وليس المرح أو قضاء وقت رومانسي سينمائي سعيد، فقد يقعان في دوامة الإحباط ومن ثم اتخاذ قرار الطلاق، خاصة وأن علاقة الزواج بذاتها قائمة على قرار غير سليم.
نحن الآن في حاجة ملحة لإعادة دراسة المجتمع وعاداته وتوجهاته الجديدة، كي نقف على دوافع تحركاته، من أجل أن نخرج بوسائل حقيقية للتغيير الإجتماعي.
تنويه: الأسماء الواردة في الموضوع مستعارة للحفاظ على خصوصية أصحابها.