هناك الآلاف من الأفراد حاملي الخصائص الجينية المزدوجة، يعيشون بيننا وفي أوساطنا، كيف يعيش هؤلاء؟ ماهو مصيرهم وكيف ستتشكل حياتهم المستقبلية التي يَرنو لها كل إنسان؟
في هذا المقال، سنتناول هذه الفئة التي يَقصر النظام الثنائي – Binary system عن وضعها في أحد قالبيه، وهي لا تقل أهمية عن أي فئة موجودة في مجتمعنا، هم ليسوا ذكورًا وليسوا إناثًا، أو قد نعتبرهم ذكورًا وإناثًا في ذات الوقت.
هي حالة يولد فيها الأشخاص بخصائص جنسية مزدوجة بين ما يعتبر معياراً للذكورة والأنوثة. يُلاحَظ وجود اختلافات عن المعايير المعهودة للجنسين الذكر والأنثى، قد تكون الإختلافات عضوية، صبغية\كروموسومية أو اختلافات في الخصائص الجنسية الثانوية أو غيرها من الاختلافات التي قد نعرفها أو لا نعرفها والتي قد لا تحدد جنس المولود بشكل قاطع كذكر أو أنثى حسب المعايير المقبولة طبياً و\أو قانونياً و\أو اجتماعياً. وقد تبنَّى الطب هذا اللفظ خلال القرن الماضي مشيرًا إلى أي إنسان لا يُصنَّف على أنه ذكر أو أنثى.
أن يكون الشخص حاملًا لخصائص جينية مزدوجة لا يعني بالضرورة وجود غموض أو لبس في الأعضاء الجنسية الخارجية، ولا تشير بالضرورة لوجود عضوين ذكري وأنثوي في آن واحد كما يُشاع في الأوساط المنغلقة، فلا وجود لنوع واحد فقط بل هو طيف من الحالات المتعددة.
ليس من الضرورة كما يظنّ الكثيرون أن يرغب صاحب الحالة في أن يخوض عملية “التصحيح الجنسي جراحيًا”، وليس من مصلحة المولود التدخل الجراحي\التصحيحي القسري لتحديد جنسه مبكراً على عكس ما يعتقد عامَّة الناس وبعض الأطباء، فقد يقرِّر هذا الشخص انتمائه للجنس الآخر بعد بُلُوغه أو في مرحلة رُشده، أي الجنس المعاكس لما حدَّده الأطباء أو والديه، فتكون الوقعة النفسية والجسدية على هذا الشخص كارثية، مع زيادة الأعراض والمضاعفات على أثر التدخَّل الجراحي، وتقول منظمة الأنترسكس الدولية إنهم يمثلون جنسَا نمطيَا قائمَا بذاته بعد الذكر والأنثى.
يُعرِّف الناس هذه الفئة من المجتمع بمصطلح مهين و مأساوي و مقيت هو مصطلح “خِنثة” أو “مُخنَّث” فاللوم هنا يقع على عاتق المجتمع الذي يشوِّه الألفاظ ويغيِّرها لمعاني نابية، وليس اللوم على اللغة أو الدين أو الشرع.
قصة إسلام ثنائية الجنس من ليبيا
وُلدت إسلام في أحد ضواحي مدينة طرابلس عام 1990 ونُسب إليها جنس الذكر، ولكن عندما لاحظ الطبيب أن هناك لبسًا أو غموضًا في أعضائها الجنسية الخارجية أخبر الأهل و بحكم العادات و التقاليد و غرابة الوضع اضطر الأهل للتستر على الحالة و سمُّوها باسمٍ يُطلَق على الذكر و الأنثى وهو “إسلام” وعندما بلغت إسلام و بدأت هرموناتها بالتأثير على جسدها، صارت تعبيراتها الجندرية أقرب للأنثى، وأرادت أن تعيش حياتها كأنثى.
لم يستطع الأهل البقاء في ليبيا، رأت العائلة أن وضع ابنتهم طبيعي وأن من حقها الاختيار فهاجروا إلي إيطاليا وأجرت إسلام عملية التصحيح الجنسي و بعد أعوامٍ عادوا إلي ليبيا وكانت إسلام أنثى كاملة. اضطر الأهل أن يُطلقوا عليها اسم “نور” أمام الناس حتى يعتقدوا أنها ابنتهم الأخرى، وإن إسلام لم تعُد وأقامت في إيطاليا.
ليسو كما يصورهم الإعلام العربي من برامج أو مسلسلات، هم أفراد مستقلون مثلنا بشخصيات مختلفة، يُعانون بصمت بسبب المجتمع وكل ما يحتاجونه هو الدعم والمساواة واحترام إختيارهم إن أرادوا أن يكونوا ذكورًا أو إناثًا أو غير ذلك لأن هذا حق من حقوقهم.
تُقام الكثير من الحملات لمناهضة الممارسات الطبية التمييزية والضارَّة التي تجري في مستشفيات الأطفال ذوي الخصائص الجينية المزدوجة، وللمطالبة بوضع حدٍّ لهذه الإجراءات التي اعتبرتها الأمم المتحدة شكلاً من أشكال التعذيب وأدانتها منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان.
شُنَّت إحدى هذه الحملات تحت اسم End Intersex Surgery.
نعتذر عن العمليات الجراحية الضارة التي لا رجعة فيها، والتي تم إجراؤها لأشخاص دون موافقتهم. توقفوا عن تنفيذ العمليات “التجميلية” غير الضرورية طبياً على الأطفال، مثل العمليات الجراحية التي تهدف إلى تغيير مظهر الأعضاء التناسلية للرضيع أو وظيفتها الجنسية مثل تخفيضات البظر، إزالة الخصيتين الوظيفية والأورام المهبلية. يجب تأجيل مثل هذه العمليات الجراحية حتى تكون بموافقة كاملة من الشخص.