“إذا علمت أن فتح لوح الشوكولا سيفتح لي أيضًا أبواب الجحيم، لقلت إنني أتبع حمية غذائية”
تقول سلمى، طالبة طب تبلغ من العمر 26 عامًا، حيث التقت لأول مرة بالجاني التي كاد أن ينهي حياتها وحياة أحبائها.
“كنت أجلس بمفردي على مقعد في الزاوية تحت ظل شجرة نخيل، كنت انتظر والدتي بمشاعر غامرة جعلتني انهمر بالبكاء. عندها تدخل أستاذي، كان مهذبًا وسألني بلطف: “أتمنى أن يكون كل شيء على ما يرام؟”، أجبته بصوت ناعم، أنا بخير، مجرد ضغط اختبارات. ابتسم لي وقال: “لا تقلقي، لقد كنت في مكانك يومًا ما، انظري إلى أنا الآن، كل شيء سيكون بخير” ثم أعطاني قطعة من الشوكولا، ياه كم أحب الشوكولا. لم أتوقع شيئًا سوى أن الأستاذ لطيف مع تلاميذه، الأمر الذي جعلني أفكر، ربما يجب أن أقبل محاولته في أن يكون لطيفًا معي وأخذ الشوكولا دون أدنى شك في نواياه الخفية.
مرت الأيام، وفي كل مرة صادفته فيها، كنا نبتسم ونلقي التحية على بعضنا البعض، بد الأمر كما لو أن الشوكولا صنعت سحرها وخلقت رابطة بيننا، وحتى أكون صادقة، كانت الأمور تسير بيننا إلى مكان ما، صرت أحضر محاضراته بانتظام، وصرنا نقرأ بعضنا البعض، قرأته من خلال طريقته في النظر إلي، وهو قرأني من خلال درجاتي.
“طلب مني ارتداء النقاب وأن أكون حلاله، كانت صدمة متوقعة بالنسبة لي، وافقت على أشياء كثيرة من قبل، فلما أرفض الآن.”
تبادلنا أرقام الهواتف وحسابات التواصل الإجتماعي، وتطورت علاقتنا لما هو أبعد من لوح الشوكولا والاختبارات، وصرنا نتحدث عن مستقبلنا معًا، وكان دائمًا يصف زوجته المستقبلية كشخص يشبهني تمامًا، امرأة طويلة، شقراء.. معايير الجمال النموذجية التي يبحث عنها الشباب الليبيون، كان يذكر دائمًا أنه يريدني مغطاة، حتى يراني هو فقط، ولأنني وثقت به، لم تكن لدي مشكلة في ذلك. ارتديت النقاب بعد أن تمت خطبتنا، بالرغم من معارضة أمي الشديدة لما أفعله، لكنها فضلت عدم التدخل في قراراتي.
كنت فتاة صغيرة، وخلال مرحلة خطوبتنا، كنت أشعر بالمزيد من المشاعر تجاهه، وسعيت لإرضائه بأي طريقة ممكنة، رضخت لكل أوامره، وأرسلت له صورًا عارية لأرى رد فعله، باحثة عن سعادته.
“الصدمة غير المتوقعة كانت اكتشافه كعضو في داعش في عام 2014 في بنغازي”
اقترب يوم الزفاف، واكتشفت أنه عضو في داعش، خضنا جدالًا كبيرًا حول ما فعله، كيف أمكنه فعل ذلك! وكلما عارضت ما يفعله، أصبح عدوانيًا أكثر تجاهي، أردت تركه، وإلغاء الزفاف، عندها فُتحت أبواب الجحيم، بدأ في الإساءة إلي وتهديدي، في البداية كان يهددني بقصف منزلي وقتل جميع أفراد عائلتي، ثم بدأ يهددني بنشر صوري العارية على الإنترنت، وهو ما فعله، أنشأ صفحة عليها اسمي وبدأ في نشر صوري العارية في كل مكان، لم أستطع تحمل العار الذي تعرضت له وصراع عائلتي لعدم معرفتهم كيف يتعاملون مع هذه الكارثة، إما أنه يتزوجني، ويعلم الله ما الذي أتوقعه إذا تزوجته يومًا ما، أو أن يستمر في جعل حياتي جحيمًا حيًا لي ولعائلتي.
لم أستسلم، فعلت ما يلزم لإخراجه من حياتي، أبلغت عنه السلطات، وكانت داعش في ذلك الوقت تخسر معاركها لذا لم يكن لديه خيار سوى الهروب، لكن صدمة كل ما حدث لا تزال معي حتى الآن.
“بعد عامين، قابلت رجلاً آخر له نفس طباعي، كان لطيفًا للغاية، تعرفنا على بعضنا البعض، ولم أعد أرتدي النقاب”
خُطبنا، كانت الأمور تسير على نحو سلس وسريع جدًا، أحببته ولكن شعرت أن هناك خطبًا ما، ربما لأنني أحببت قضاء وقتي مع صديقتي أمل أكثر، كانت شرارة التفاعل الذي أعيشه مع أمل مختلفة عما كنت أشعر به معه، لطالما انجذبت للرجال والنساء، لكنني لم أعتقد مطلقًا أنني سأكون مع فتاة بسبب المعتقدات التي نشأت عليها.
بدأت رحلة التعرف على نفسي بشكل أفضل وأصبحت أكثر وعيًا بقراراتي، تبدو الأمور أفضل عندما أكون مع أمل أكثر من أي شخص آخر، أشعر بالراحة الآن لمعرفتي بأن ألواح الشوكولا والرجال اللطفاء ومعتقداتي لا يمكنها أن تشعرني بما أشعر به عندما أكون مع الشخص المناسب، حاليًا، أنا أواعد أمل، وألاحق وظيفة أحلامي، ويمكنني أخيرًا أن أقول إنني مستقرة نفسيًا بعد ما مررت به.
انتهى الأمر بالعديد من الفتيات إلى سرد قصص أسوأ من قصتي، كنت محظوظة. لم ينتهي بي الأمر بأن أكون ضحية أخرى لسوء معاملة الرجال والعنف المنزلي دون أن أفصح، شعرت بالحزن والخوف، كنت قلقة، وشعرت بالضعف، ولم أدر كيف أنهض بقوة من جديد. لكنني أغمضت عيني وقمت بقفزة عمياء. والآن أرى كيف أن سرد قصصنا وحب أنفسنا من خلال هذه العملية هو أشجع شيء قد نفعله على الإطلاق.
تحملت الإساءة، وسأتحمل العلاج.